الهمسة ..
الأولى
سـماؤكِ
نهرٌ بكفِّ القــدر ْ.
وأرضُـكِ، حُضن الشــذَى والمطرْ .
ِرداؤكِ زَهــرٌ وفرشُكِ عشبٌ ،
ودارُكِ تـاجٌ بـديعُ النظــرْ .
ينــامُ على صــدركِ الطيِّبُ ..
فـوق روابيــكِ يحـلو السَّـمرْ .
عَلىَ سَفحِ بَعْـدانَ عقـدُ الجواهر ،
يَنْظُــمُ فـوق الــروابي دُرَرْ .
كَـرُمَّانةٍ نثـرتها الطيـــورُ ،
على مخملٍ من فِــراش القـمرْ .
نسـيمُ الصباحِ الـذي يلثُم الأرضَ ،
يوقـظُ نـومَ العيــونِ الحــوَر .
تقومُ العصـافيرَ في نشــوةِ الصبحِ ،
تعــزفُ للـُّروحِ لحــنَ البـُـكر .
فَيا حُسـنها والأهــازيجُ في الحقلِ ،
تصـدحُ عنـد اقتــطافِ الـثَّمَـرْ .
ويـا طيبـَها والميـاهُ تــلألأُ فِـي ،
صفحَــةِ الحـقلِ بــين العُــبَر .
ويا فــرحةَ الأزرقِ - الضوءِ في ألقِِ
الطــلِّ فـوق غُصُــونِ الشجــرْ .
هيَ الغــادةُ البـكرُ والروضـةُ المنتهى ،
وهـيَ تــاجُ .. ، الجبـينِ الأغــرْ .
يُطـلُّ من الغـيمِ شـوقُ الطفولةِ ،
من عبـقِ الأرضِ لحــنُ الصِّغــرْ .
تذكــرتُ ذاك الندى في صبـايَ ،
وذاكَ التغنِّـي بعــزفِ الوتــرْ .
تمـايلتُ غُصنـاً، تألَّقتُ لحْنــاً ،
تـدفَّقتُ لونـاً بـديعَ النظــرْ .
تفـحَّصتُ أعطـافكِ الـلؤلؤيــةِ .
طَــوَّفتُ فـوق ابتســامِ القـدرْ
فيا دولةَ الحُسنِ كيفَ اختلفْتِ ،
ومن صـورةٍ صـرتِ كل الصُّــوَر .
ولم تجـمعي بـين طيبِ البـواديِ ،
ولَـمْ تُتْـِـقِني فعـلَ أهـلِ الحضرْ
فكُـنتِ الخليـطَ الذي لا يـذوبُ ،
ولا صِـرتِ بحـراً ولا دُمتِ بَــرْ .
نظـرتِ بشـوقٍ لهـذا الزحـام ،
ودون احتــواءٍٍ أردتِ الكــبرْ .
وولَّيتِ وجهـكِ شـطرَ الحُقـولِ ،
وخُنْتِ الـروابـي رميتِ الحـذرْ .
وأغـرقتِ وجهــكِ في الطـينِ ،
فـوق الظــهارِ أقـمتِ المقَـرْ .
هـدمتِ جـداولكِ الشـامخاتِ ،
فغـارت ميـاهُكِ بـين الحُـفر .
تناثرتِ فوق ارتحـالـ التَّباعُــدِ،
ماذا دهــاكِ ومـن ذا أمًــرْ .
سـماؤكِ صـارتْ هيَ الخــوفْ .
أرضــكِ صــارت طعامَ الضَّررْ.
أعـيشُ وحُـزني لحـزني رفيقٌ
وهـمِّي لهمـِّي ، هـو المُنتـظَـرْ .
فمن يشتـري الآنَ منِّي التـرابَ،
ومسقط رأسـي ومهـدَ الصِّغَـر .
وسـيفي ورمحي وســرْجَ الجوادِ ،
وما خـلف ذاكـرتي من صُــور
لأبـْحَثَ عن مرفـأٍ يحتــويني ،
ويبعــدني عن هُـموم الدّيَـر
ولســتُ الذي يطلبُ الانفصـامَ،
فكـم من مُحبٍّ شِـفاقاً هجــر
فلم يَعُـدِ الليـلُ عنـدي لبَـاساً
ولم يُعُـد الصُبـحُ شـوق السَّفـرْ
وهذا دمِـي فـوقَ تِلكَ الـروابي ،
يســيلُ ولا يلتقيــهِ نهَــَرْ .
يُخـيّم عصْر اجترارِ الشَّـتاتِ
وعصرُ التسلِّي بمضـغِ الخَـبَرْ .
بأحـداقكِ الخضرِ يخْـُبو الرجــاءُ ،
وفي فِـمِكِ العـذبُ ماتَ الزَّهَـرْ .
فيا وطنـاً في دِمي قـد تحجَّــرَ ،
يا هـاجساً في الضـميرِ ظَهَــرْ .
فطـوبَى لمن حـلَّ في قلبِ ماضيكِ ،
طــَّوقَ عُـذريـةً في البُــكرْ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق