السبت، 15 فبراير 2014

قصيدة اللون


قصيدة اللون




(1) أيها الطيف ، عِـمُتَ صباحاً 
لم تزل أيها القمر الطيف،
يدغدغ أحلامنا ،
في دمنا نشوةً وحبوراً ، 
ويغمرنا بالحنين لأزمنةٍ خالدة .
ويُرصِّع أيامنا بالبهآء ، 
أنت ينبوع أسرارنا ،أنت لهفتنا أيها الطيف، أنت الخداع الجميل، 
إلى نشوة اللَّذة القاتلةْ .
والجمال الذي يتسامى ، 





للسلام أتيتَ ، 
من تخاريم ضوئك كان الكلام ،
ومن نورك المتمّوج طارت جميع الحروف ، 
لم يزل نبضك المنتشي يتدفق ،
وبوابةٍ يعبر الحزن منها ،
أوديةً من سخاءٍ ، وشوق، 
إلى عالمٍ ، يكتسي بالبياض . 





منكَ ألتمسُ الشِّعر ، 
أنقشهُ صفحاتٍ تُشعُّ بنوركَ ، 
تملأ أفئدةً لم تزل تتلمس في ضوء عينيك ، 
وجه اليقين .





أنتَ وجه المسافة ما بين حلمي وأمنيتي ، 
أنتَ وحيُ القصيدةِ،همسُ الضميرِ ، 
مرفأ الظلِّ للمتعبين ..شفافيةُ البَوْحِ ، 
دربُ الرضى ، 



منك صُغتُ حياتيَ لوناً بديعاً، 
وطرّزتُ أغنيتي، 
وتلمّست من فيض وجهك إشراقة الآخرين ..



أصدقائي ، زغاريد لونٍ،
وأهزوجةٌ ، تتخلَّلُ وجهَ حياتي،
باقةٌ تتنفَّسُ حولي 
شِمِيمَ البنفسج والأقحوان.



إخوتي .. فرحتي ، قوّتي ،
شغفي بالحياةِ ، ونبض حروفي ، 
إطاري الجميل ، 
في ملامحهم ، ولَهي. 
امتدادي ، وعُمقي ، وأنشودتي ،
من ضمائرهم قفزت بسمة اللون .. 
في مشاعرهم ، هدفي .
في لوحتي ,



كم ترآى لقلبي بأن الحروف هدايا ، مرايا ، 
وميضٌ ، تثُور بها زُرقـــــةٌ، 
وطريقٌ فسيحٌ إلى مدنٍ عائمة ,



المحبَّةُ ، مائدةٌ تتشبّع بالنور ،
في قلبها شمعة الخير والابتسام ,
وضوءُ ابتسامك في وجه صحبك ، 
الوفاءُ بحارٌ …تاجٌ ، وسامٌ، 
( أن ترى سحنة الموت ، خيرٌ بان لا ترى زمناً باسماً ،يُزيّن صدركَ ، يزرع فيك البقاء , 
يتطلع للضوء أو يتلألأ بالفرحة الزائدة ) ,



الطموح احمرارٌ، 
مقاربةٌ للجديد ـ العنيد ،
بِنآءٌ على زمنٍ جامدٍ ،
وصعودٌ الى شرفات البعيد ,


العزيمة برقٌ مضيءٌ، 
له نكهة الخوف والطمع المتحفز ، 
علامتهُ البتُّ في الامر ، 
والخلق في باطن الروح إشراقةً من جديد ,


التحدي مزيجٌ من البرق والغيم ،
إرهاصةً لانتزاع المفيد ,


الجفآء سوادْ … 
والتلاقي قلوبٌ مزركشة اللون ، 
أنشودة للحياة ,


الكلام الذي يحمل الصدق والحب ،
وردٌ ، وزهرٌ ، وعطرٌ ، وخمرٌ ،
وخبزٌ ، وماء ,


والهروب فراغٌ به يسكن الجوع ،
واليأس .. والإنفراد , 


العطاءُ ادخارٌ ، 
أنانية الفرد تعني كراهية النفس ، 
لا حُبَّها ,
والغرور خواءٌ ، 
ركوبٌ على كتف الإنحناء،
صعودٌ على درج الطين ، والتعالي ضجيجٌ ، 
صلاةٌ على صفحة المآء ،تفرقعةُ .. علبةٌ فارغة , الغناءُ ، … شبابٌ يقودك في نزهةٍ ، 
يدحرجها الضوء في قوسك المكتسي بالمرح ,تتدافع في موكب الطيف ، 
قطرة ماءٍ تلوذ بأخرى ،


( 2 ) عالم اللون ، أولُ شئ ٍ نراهْ. 
فكرة اللونِ ، في وعينا كانت البدء , 
تسمو بعالمنا ، تتسامى ،
لم تزل تتدفق في الوعي ، 
تشكّل وجه العصور ,



بسمةُ اللون ، أول ما كَتَبت صفحات الوجود، 
أوّلُ معزوفة تتناغم ، في ملكوت الكمال ،
أوّلُ قافلةٍ تتهدَّجُ ، في ملكات الخيال ,



في دمِ اللون أبحرتُ طول حياتي، 
ومن شفه الضوء طارت إلى شفتي كلماتي ,
هو صمتي وحزني، 
ولولاه ما وصلتْ ساحتي ، صرخاتي ,



أرى اللون في الشئ والشئ في اللون ، 
أرى فيه شمساً وظلاً، 
أرى فيه وجه البراءةِ ، روح البساطةِ ،
وجه التجهّم والعنفوان ,


أرى فيه بعُداً وشكلاً وظلاً ،
زماناً ، مكاناً ، ورائحةً، 
قالبٌ وفراغ ، فرحةٌ ، واكتئاب ،
أرى فيه ماءً ،وزاداً ،
فضاءً يسافر في اللانهاية , 


كلّ لونٍ أحسُّ به ،
وألازِمُهُ وأُغني لهُ ، وبه، 
أتحرَّكُ في واقعٍ إسمهُ اللون. 


كلٌ له رؤيةٌ ونزوعٌ ، 
وكلٌ له ذكرياتٌ مع اللون , 



كم تسآلتُ ما هو أجمل لونٍ نراه ؟ 
أنا لا أعشق اللون منفرداً ، 
والجمال أُلامِسهُ في مقاربة الضّد،
في شغفٍ يتوالد من غزل اللون ، 
من همسات الضياء ,


لا أرى خارج اللون ,
حِكمةُ اللون أناّ نراه ,
يقول لك اللون كل الذي لا تقول الحروف ، 
وكل الذي لا تبوح به النغمات ,


للنفس ألوانها ، 
والمزاج يقلب ألوانه مثلما يفعل الطيف، 
حين يثور الغمام ,


تضمحلُّ شفافية اللون ،
إلاَّ إذا صرخت فيك ، 
إلا إذا أعلَنت وقت ميلادها، 
وتمادت بنغمتها في مجال الإثارة ،
رجع الصدى ,
حين يعود ولو من بعيدٍ، 
إلى نفس دائرة الشكل ، 


كل لونٍ نرى فيه سحر الإضاءة ،
وجهاً يصوغ الكمال ،
يرقص في عالم الإحتمال ,
يسافر في اللانهاية ،


( 3 ) أسوَد: 
السواد هو الكون والضدّ والملكوت ,
جنحٌ يرفرف في اللانهاية .
يفضح وجه اللآلئ ، وينقل صوت المحار ، 
عمقٌ يخبئ سر الحياة .
يخبئ كنـز الجمال الدفين ,


جبروتٌ يغطّي خطيئآتنا، 
يقسم الحسّ نصفين ،
يملك نصف الحياة ,


في الأسود الحضن ، والحزن ، والملتقى 
وفي الأسود الموت ، والخوف ، والإنحناء , 


ملِكٌ في ثياب الغواني ،
يُداعب أذواقنا عندما يتبعثر منتشراً في البياض، 
حينما يتهدّج في خصلة الشَّعر ،
ويرقص في بسمة المقلتين ,
أو يتراقص فوق خضاب الحواشي ،


يغوص بأعماقنا ، 
يتدفق في صفحة العمر شعراً ونثراً ،
ولولاه ما عرف الناس وجه اليقين ,
فضاءٌ وبحرٌ ،
أسودٌ … 
إنما هو .. ماءٌ وتمرٌ ،
ظلالٌ يلملمُ بوابة العاشقين ,


أسودٌ يكسر اليوم دائرة الصمت ، 
يثقب دائرة الرمز،
يدخل دائرة الاشتعال ,
يستنسخ الفعل ، 


يغوص الى واقعٍ ، 
يتحرك فيك وخلفك ، 
يعدو أمامك ، 
يزرع في قدميك الاطاحة .

أسودٌ يومك المرتخي ، 
والضوء ينسل من تحت اقدامك الخشبية ، 
والمصابيح تلفح وجهكَ ، يرحل في شغف العلم ، 
تتدافع في قرية الكون ، في فرح النور ، أحزمةً تتسابق أليافها ، 
مدهونة بالصفيح ,تجمع تاريخك المتكدّس ، 
في قطعةٍ كالرقاقة ، 


أسودٌ، والخلافة تدفنُ اعلامها في الرمال , 
وتسفّ الحداد على مفرق الشرق،
ترفعُ أيديَها للغريب .


أسودٌ والقريب بعيدٌ علينا ، 
وكل بعيدٍ قريب . 
يتنكَّرُ فيها الحُفاةُ ، أسودٌ ليتها حفلةٌ ، 
نتوالدُ فيه مدى الدهر ، ولكنه مأتمٌ قائمٌ ، 
فوق أطلالنا ، والدهرُ يبقى مدى الدهرِ مُنبطحٌ ، فوق أحلامنا ، 
علينا ، غريبٌ .. غريبٌ .. غريب , والوجود غريبٌ علينا ، 
وحتى الكتاب المبينُ ...


أحمرٌ …
إنما هو قلب الحقيقة ،
بل نشوة اللون. 
ديك التصاوير ، والحلبات العنيفة ,لكنه قُدرة الفعل ، أو ردَّة الفعل، 
ينبوع نهر الحياة ,


يتراقص في دمك المتدافع في شبق العنفوان ,

أحمرٌ … والمراد هو القلب، 
أحمرٌ … والمراد شفاهٌ ، وخمرٌ ، خدودٌ ، وزهرٌ ،
وينبوع ذكرى ، وأغنية للوطن ,


أحمرٌ …
ليتهُ ظل في وعينا أحمرُ
ليتهُ ظل كالنجمة العِنَبية في وجنة القمريّة .
ليته ظل منتشياً كالعقيق اليماني ,


أحمرٌ … يادم الأخوين، 
الذي صار يعني دماء الشعوب .


أحمرٌ يا خدود الحقيقةِ ، 
يا شهوة الاحتراق ,


يا رماد الحريق الذي يتصاعد ،
في غابة الحلم والذكريات الجميلة ,
ياالحريق الذي يتفجر من تحت أقدامنا ، 
والدم المتناثر في كل منعطفٍ في خطوط التلاقي ,
أحمرٌ … يا الفنآءُ، الذي يتقمص وجه الحضارة ,


أحمرٌ ... والحديث عن الكوكب الأخضر المتفحِّمِ، والمتشرد ،
في حفلات الدخان ,


أحمرٌ .. والجديدُ هنا جمرةُ الحقّ ، وجه البطولة،
مجد القرابين ,
أحمرٌ .. والحديث هنا عن فلسطين ،
قلبي ، وقلبك ، قلب العروبة. 


أحمرٌ .. والمرادُ الثَّرَى ، والشهيد ،
تراب العروبة ، أحجارها ، 
كل أعلامها ,



علمٌ يتلفّع بالنار ، يا ليتني. 
حجرٌ ليتني كنتُ فوق رصيفك يا قدس ،
يا ليتني كنت جمرة عشقٍ تزغرد في يد طفلٍ ،
يقاوم في وطن الانتفاضة .


أخضر …
أخضرٌ كاخضرار فؤادي ،
ولكنها خضرة الحلم والأمل المتملك قلب النبؤة ,


أخضرٌ ..ليس معنى ، 
ولكنه جوهرٌ مثل وجه بلادي. 


هو جوهر ما أنت تحيا له وبه ، 
والنعيم الذي يتحرك في خضرة الذوق، 
أو يرتخي في سرير البصر ,


أخضرٌ ..والمراد الطفولة والحب والابتسام. 
والعطاء الذي يتلبَّسُ دفء الأحاسيس ،
يكسو ضفاف النفوس ويملا بالخير نهر البشر , 
نبض المشاعر ، 

أخضرٌ.. صار يعني متى ، ولماذا ، وكيف ؟
كيف أنتزعناك من قوس أيامنا،
كيف خُنت الربيع وهاجرت من حيّنا،
أيها الأخضر النضج ؟وتركت الهواجس تجثو، 
على صدرنا كالخريف !! 


كيف هاجر عصفورك المنتشي من حدائق أحلامنا ، 
من جزائر حبك،
وانسل من قلب أعلامنا الذهبيَّة .


هل تحرك فوج القطَا ، والكناري ،
إلى رحلة الصيف ،
أم حركته الرياح الى نجمة الغرب ؟ 





أخضرٌ.. لا يزال السؤال ،
يدبُّ على الأرض كالهدهد المتخلف عن ركبه،
لا يزال السؤال. 
بعيدٌ ، قريبٌ ، ومستوطنٌ في الخيال ,


لا يزال السؤال يشكل وجه الرضى،
وظلال الفؤاد ،
يرفرف في شرفات الضمير الذي يتناثر من حولنا شجراً ،
وغصوناً تميز أحلامنا ومعالمنا ، 
وتصُدَّ الرمال ,


أصفر …


أصفرٌ، يتدفق كالموج مرتحلاً ، 
من بياض النقاوةِ ، .. حتى احمرار القلوب ,


الإطار البديع على كل لونٍ،
وفي الأخضر/ الأحمر/ الأسود/ المتداخل،
ينبض بالوحي والكبرياء ,


يرصّع أجمل أوهامنا ، ويشدُّ أساريرنا، 
ويطرِّز أجمل ما تشتهيه العيون ,


يتأرجح بين الغواية والطيش ، والغيرة النسوية , 
والبداية منه ولكنه نابعٌ من خطوط النهاية .


نبض الحياة التي تتدفق من وجنةِ الشرق ،
يطوي الفضاء ، يفيض بهاءً ،
مرتحلاً في خدود الأصيل ,
إلى أن يذوب ويحمرّ ،


لو سألتَ الفراشةَ من تعشقين، 
لقالت زهور الخزامَى ، وعبادة الشمس ، والتولبان . 


أصفرٌ.. يتألق كالذهب الحميريِّ القديم . 
ويترك في باطن الوعي ذكرى حضارة .



يتراقص فوق ظهور القوافل، 
يرسم في صفحة الذهن قافلة تتابع ، 
فوق طريق اللّبان 


أصفرٌ ..لم يزل يتحدث عن زمن العَصب ،
والورْس ، والزعفران. 


لم يزل يتخلَّل أحلامنا ،
ويحطّ الفواصل بين الفصول 


أصفرٌ .. والمرادُ الشهيّة والاشتهاء 
أصفرٌ.. والمرادُ الرجوع إلى كل ماقيل، 
أو ما يقال. 


المرادُ الرجوع إلى رغد العيش حراً كريماً ، 
إلى موسم النضج ،
والقمحُ والبُنّ . 
المرادُ الرجوع .. إلى ساحة الكَرْمِ ،


المرادُ الرجوع … إلى ظل معزوفةٍ ،
تتمايل من حسنها ، 
سنبلات الحقول 


أزرق …


أزرقٌ .. والمساحة أكبر ممّا ترى. 
والوجوهُ ، الخطوط ُ، الهموم التي تتداخلُ ،
أو تتشابك ، أو تتشابه،
أكبر مما توقّعتَ ، أو تتوقّع .


أزرقٌ ..هو شاهد عصرٍ وخلفيةٌ للحروبْ. 
هو باقةُ عولمةٍ تتدفّق من غرفة النوم،
يتحرّك في كل ناحيةٍ ، يتهدّل من شفة النور 
من شاشة الأفعوان. 


سيّد اللون ، وجه المدى ، وسرير الحياة. 
إنه قوة الاختراق 
ولكنه لُـجّة الشوق ، والاشتياق 


كل لونٍ يتوقُ إلى فُسحةٍ فوق أعطافه، 
يتمنى السكينة والارتخاء بأحضانه ،
يتمنى الوفاق 


أزرقٌ .. والمراد الوشاح الجميل،
الذي يتمدد فوق شواطئنا كلها، 
ويرصِّعُ أقدامنا لؤلؤاً ومحارْ 


أزرقٌ .. والحديث ، حديث العيون ،
هل حَلُمتَ بشقراء ترفُلُ في الأزرق المتلألئ ؟ 
ماذا وجدتَ بِزُرقةِ أحداقها، 
ألاَ .. إنـه الافتـقــارُ.......
وهى ترنو إليك … ؟ 
إلى الآخـــريـــن 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق