الأحد، 20 نوفمبر 2011

الهمسة .. الأولى


الهمسة .. الأولى

سـماؤكِ نهرٌ بكفِّ القــدر ْ.
وأرضُـكِ، حُضن الشــذَى والمطرْ .
ِرداؤكِ زَهــرٌ وفرشُكِ عشبٌ ،
ودارُكِ تـاجٌ بـديعُ النظــرْ .
ينــامُ على صــدركِ الطيِّبُ ..
فـوق روابيــكِ يحـلو السَّـمرْ .
عَلىَ سَفحِ بَعْـدانَ عقـدُ الجواهر ،
يَنْظُــمُ فـوق الــروابي دُرَرْ .
كَـرُمَّانةٍ نثـرتها الطيـــورُ ،
على مخملٍ من فِــراش القـمرْ .
نسـيمُ الصباحِ الـذي يلثُم الأرضَ ،
يوقـظُ نـومَ العيــونِ الحــوَر .
تقومُ العصـافيرَ في نشــوةِ الصبحِ ،
تعــزفُ للـُّروحِ لحــنَ البـُـكر .
فَيا حُسـنها والأهــازيجُ في الحقلِ ،
تصـدحُ عنـد اقتــطافِ الـثَّمَـرْ .
ويـا طيبـَها والميـاهُ تــلألأُ فِـي ،
صفحَــةِ الحـقلِ بــين العُــبَر .
ويا فــرحةَ الأزرقِ - الضوءِ في ألقِِ
الطــلِّ فـوق غُصُــونِ الشجــرْ .
هيَ الغــادةُ البـكرُ والروضـةُ المنتهى ،
وهـيَ تــاجُ .. ، الجبـينِ الأغــرْ .

يُطـلُّ من الغـيمِ شـوقُ الطفولةِ ،
من عبـقِ الأرضِ لحــنُ الصِّغــرْ .
تذكــرتُ ذاك الندى في صبـايَ ،
وذاكَ التغنِّـي  بعــزفِ الوتــرْ .
تمـايلتُ غُصنـاً، تألَّقتُ لحْنــاً ،
تـدفَّقتُ لونـاً بـديعَ النظــرْ .
تفـحَّصتُ أعطـافكِ الـلؤلؤيــةِ .
طَــوَّفتُ فـوق ابتســامِ القـدرْ

فيا دولةَ الحُسنِ كيفَ اختلفْتِ ،
ومن صـورةٍ صـرتِ كل الصُّــوَر .
ولم تجـمعي بـين طيبِ البـواديِ ،
ولَـمْ تُتْـِـقِني فعـلَ أهـلِ الحضرْ
فكُـنتِ الخليـطَ الذي لا يـذوبُ ،
ولا صِـرتِ بحـراً ولا دُمتِ بَــرْ .
نظـرتِ بشـوقٍ لهـذا الزحـام ،
ودون احتــواءٍٍ أردتِ الكــبرْ .
وولَّيتِ وجهـكِ شـطرَ الحُقـولِ ،
وخُنْتِ الـروابـي رميتِ الحـذرْ .
وأغـرقتِ وجهــكِ في الطـينِ ،
فـوق الظــهارِ أقـمتِ المقَـرْ .
هـدمتِ جـداولكِ الشـامخاتِ ،
فغـارت ميـاهُكِ بـين الحُـفر .
تناثرتِ فوق ارتحـالـ التَّباعُــدِ،
ماذا دهــاكِ ومـن ذا أمًــرْ .
سـماؤكِ صـارتْ هيَ الخــوفْ .
أرضــكِ صــارت طعامَ الضَّررْ.

أعـيشُ وحُـزني لحـزني رفيقٌ
وهـمِّي لهمـِّي ،  هـو المُنتـظَـرْ .
فمن يشتـري الآنَ منِّي التـرابَ،
ومسقط رأسـي ومهـدَ الصِّغَـر .
وسـيفي ورمحي وســرْجَ الجوادِ ،
وما خـلف ذاكـرتي من صُــور
لأبـْحَثَ عن مرفـأٍ يحتــويني ،
ويبعــدني عن هُـموم الدّيَـر
ولســتُ الذي يطلبُ الانفصـامَ،
فكـم من مُحبٍّ شِـفاقاً هجــر
فلم يَعُـدِ الليـلُ عنـدي لبَـاساً
ولم يُعُـد الصُبـحُ شـوق السَّفـرْ
وهذا دمِـي فـوقَ تِلكَ الـروابي ،
يســيلُ ولا يلتقيــهِ نهَــَرْ .
يُخـيّم عصْر اجترارِ الشَّـتاتِ
وعصرُ التسلِّي بمضـغِ الخَـبَرْ .
بأحـداقكِ الخضرِ يخْـُبو الرجــاءُ ،
وفي فِـمِكِ العـذبُ ماتَ الزَّهَـرْ .
فيا وطنـاً في دِمي قـد تحجَّــرَ ،
يا هـاجساً في الضـميرِ ظَهَــرْ .
فطـوبَى لمن حـلَّ في قلبِ ماضيكِ ،
طــَّوقَ عُـذريـةً في البُــكرْ .

6/7/1987

قصيدة اللون


قصيدة اللون

(1) أيها الطيف ، عِـمُتَ صباحاً 
لم تزل أيها القمر الطيف،
 في دمنا نشوةً وحبوراً ،
يدغدغ أحلامنا ،
 ويُرصِّع أيامنا بالبهآء ،
ويغمرنا بالحنين لأزمنة خالدة ،
أنت لهفتنا أيها الطيف،
أنت الخداع الجميل،
أنت ينبوع أسرارنا ،
والجمال الذي يتسامى ،
إلى نشوة اللذة القاتلة ،
للسلام أتيتَ ،
من تخاريم ضوئك كان الكلام ،
ومن نورك المتمّوج طارت جميع الحروف ،
لم يزل نبضك المنتشي يتدفق ،
أوديةً من سخاء وشوق،  
وبوابةٍ يعبر الحزن منها ،
 إلى عالمٍ ، يكتسي بالبياض 
منك ألتمسُ الشعر ،
أنقشهُ صفحاتٍ تُشعُّ بنوركَ ،
تملأ أفئدةً لم تزل تتلمس في ضوء عينيك ،
وجه اليقين .
أنتَ وجه المسافة ما بين حلمي وأمنيتي ،
أنت وحيُ القصيدة،
همس الضمير ،
شفافية البوح ،
درب الرضى ،
مرفأ الظل للمتعبين .

منك صُغتُ حياتيَ لوناً بديعاً،
وطرّزت أغنيتي،
وتلمّست من فيض وجهك إشراقة الآخرين .
أصدقائي زغاريد لونٍ،
 وأهزوجةٌ تتخلل وجه حياتي،
اخوتي ... فرحتي ،
لهفتي ...قوّتي ،
شغفي بالقصيدةِ ، نبض حروفي ،
اطاري الجميل ،
امتدادي وظلّي ، وانشودتي ،
إنما استقي ولهي من تقاطيعهم ،
استقي هدفي من مشاعرهم ،
وأرى في ضمائرهم....
بسمة اللون .... في لوحتي 
كم ترآى لقلبي بأن الحروف هدايا ، مرايا ،
وميضٌ تثور بها زرقةٌ،
وطريقٌ فسيحٌ إلى مدنٍ عائمة 

المحبة مائدةٌ تتشبّع بالنور ،
في قلبها شمعة الخير والابتسام 
الوفاء بحارٌ …
وضوء ابتسامك في وجه صحبك ،
تاجٌ ، وسامٌ،
يُزيّن صدركَ ، يزرع فيك البقاء 
( أن ترى سحنة الموت ، خيرٌ بان لا ترى زمناً باسماً  ،
يتطلع للضوء أو يتلألأ بالفرحة الزائدة )
الطموح احمرارٌ،
مقاربةٌ للجديد ـ العنيد ،
بِنآءٌ على زمنٍ جامدٍ وصعودٌ الى شرفات البعيد 
العزيمة برقٌ مضيءٌ،
له نكهة الخوف والطمع المتحفز ،
علامتهُ البتُّ في الامر ،
والخلق في باطن الروح إشراقةً من جديد 
التحدي مزيجٌ من البرق والغيم ،
 إرهاصةً لانتزاع المفيد 
الجفآء سوادْ …
والتلاقي قلوبٌ مزركشة اللون ،
أنشودة للحياة 
الكلام الذي يحمل الصدق والحب ،
وردٌ ، وزهرٌ ، وعطرٌ ، وخمرٌ ،
 وخبزٌ ، وماء 
والهروب فراغٌ به يسكن الجوع ،
 واليأس .. طعم الرماد 
العطاء ادخارٌ ،
أنانية الفرد تعني كراهية النفس ،
لا حُبَّها 
والغرور خواءٌ ،
صعودٌ على درج الطين ،
ركوبٌ على كتف الإنحناء،
والتعالي ضجيجٌ ،
تفرقعةُ .. علبةٌ فارغة

الغناءُ ، …
صلاةٌ على صفحة المآء ،
شبابٌ يقودك في نزهةٍ ،
تتدافع في موكب الطيف ،
قطرة ماءٍ تلوذ بأخرى ،
يدحرجها الضوء في قوسك المكتسي بالمرح  

( 2 ) عالم اللون أول شئ ٍ نراه،
فكرة اللون في وعينا كانت البدء
لم تزل تتدفق في الوعي ،
تسمو بعالمنا ، تتسامى ،
 تشكّل وجه العصور 
بسمة اللون أول ما كَتَبت صفحات الوجود،
أول معزوفة تتناغم في ملكوت الكمال ،
أول قافلة تتوافد في ملكات الخيال
في دمِ اللون أبحرت طول حياتي،
ومن شفه الضوء طارت إلى شفتي كلماتي 
هو صمتي وحزني، 
ولولاه ما لامست كل من مرَّ في ساحتي ، صرخاتي 
أرى اللون في الشئ والشئ في اللون ،
وأرى فيه شمساً وظلاً،
أرى فيه وجه البراءةِ ، روح البساطةِ ،
وجه التجهّم والعنفوان 
أرى فيه بعُداً وشكلاً وظلاً ،
زماناً ، مكاناً ، ورائحةً
قالبٌ وفراغ ، فرحةٌ واكتئاب ،
أرى فيه ماءً وزاداً ،
فضاءً يسافر في اللانهاية 
كلّ لونٍ أحسُّ به ،
وألازِمُهُ وأُغني لهُ وبه،
أتحرَّكُ في واقعٍ إسمهُ اللون،
وكلٌ له رؤيةٌ ونزوعٌ ،
وكلٌ له ذكرياتٌ مع اللون
كم تسآلتُ ما هو أجمل لونٍ تراه ؟
أنا لا أعشق اللون منفرداً ،
والجمال أُلامِسهُ في مقاربة الضّد،
في شغفٍ يتوالد من غزل اللون ،
من همسات الضياء 
لا أرى خارج اللون 
حِكمةُ اللون أناّ نراه
يقول لك اللون كل الذي لا تقول الحروف ،
وكل الذي لا تبوح به النغمات
للنفس ألوانها ،
والمزاج يقلب ألوانه مثلما يفعل الطيف،
حين يثور الغمام 
تضمحلُّ شفافية اللون ،
إلاَّ إذا صرخت فيك ،
إلا إذا أعلَنت وقت ميلادها،
وتمادت بنغمتها في مجال الإثارة ،
حين يعود ولو من بعيدٍ،
إلى نفس دائرة الشكل ،
رجع الصدى
كل لونٍ ترى فيه سحر الإضاءة ،
وجهاً يصوغ الكمال ،
يسافر في اللانهاية ،
يرقص في عالم الاحتمال
( 3 )أسوَد:
السواد هو الكون والضدّ والملكوت 
جنحٌ يرفرف في اللانهاية
عمقٌ يخبئ سر الحياة ،
يفضح وجه اللآلئ ، ينقل صوت المحار ،
يخبئ كنـز الجمال الدفين 
جبروتٌ يغطّي خطيئآتنا،
يقسم الحسّ نصفين ،
 يملك نصف الحياة 
في الأسود الحضن ، والحزن ، والملتقى 
وفي الأسود الموت ، والخوف ، والإنحناء

ملِكٌ في ثياب الغواني ،
يُداعب أذواقنا عندما يتبعثر منتشراً في البياض،
حينما يتهدّج في خصلة الشَّعر ،
أو يتراقص فوق خضاب الحواشي ،
ويرقص في بسمة المقلتين 
يغوص بأعماقنا ،
يتدفق في صفحة العمر شعراً ونثراً ،
ولولاه ما عرف الناس وجه اليقين 

أسودٌ …
إنما هو .. ماءٌ وتمرٌ ،
فضاءٌ وبحرٌ ،
ظلالٌ يلملمُ بوابة العاشقين 
أسودٌ يكسر اليوم دائرة الصمت ،
يثقب دائرة الرمز،
يستنسخ الفعل ،
يدخل دائرة الاشتعال 

يغوص الى واقعٍ ،
يتحرك فيك وخلفك ،
يعدو أمامك ،
يزرع في قدميك الاطاحة ،
أسودٌ يومك المرتخي ،
والمصابيح تلفح وجهكَ ،
والضوء ينسل من تحت اقدامك الخشبية ،
يرحل في شغف العلم ،
في فرح النور ،
أحزمةً تتسابق أليافها ،
تتدافع في قرية الكون ،
تجمع تاريخك المتكدّس ،
في قطعةٍ كالرقاقة ،
مدهونة بالصفيح 
أسودٌ والخلافة تدفنُ اعلامها في الرمال 
وتسفّ الحداد على مفرق الشرق،
ترفع أيديَها للغريب ،
أسودٌ والقريب بعيدٌ علينا ،
وكل بعيدٍ قريب ،
أسودٌ ليتها حفلةٌ ،
يتنكَّرُ فيها الحُفاةُ ،
ولكنه مأتمٌ قائمٌ ،
نتوالدُ فيه مدى الدهر ،
والدهرُ يبقى مدى الدهرِ مُنبطحٌ ،
فوق أطلالنا ،
فوق أحلامنا ،
والوجود غريبٌ علينا ،
وحتى الكتاب المبينُ ...
 علينا ، غريبٌ .. غريبٌ .. غريب 

 أحمرٌ
إنما هو قلب الحقيقة ،
 بل نشوة اللون
ديك التصاوير ، والحلبات العنيفة 
لكنه قُدرة الفعل ، أو ردَّة الفعل،
ينبوع نهر الحياة 
يتراقص في دمك المتدافع في شبق العنفوان
أحمرٌ … والمراد هو القلب،
أحمرٌ … والمراد شفاهٌ ، وخمرٌ ، خدودٌ ، وزهرٌ ،
وينبوع ذكرى ، وأغنية للوطن 
أحمرٌ …
ليتهُ ظل في وعينا أحمرُ
ليتهُ ظل كالنجمة العِنَبية في وجنة القمرية
ليته ظل منتشياً كالعقيق اليماني 
أحمرٌ … يادم الأخوين
الذي صار يعني دماء الشعوب
أحمرٌ يا خدود الحقيقة
يا شهوة الاحتراق 
يا رماد الحريق الذي يتصاعد ،
في غابة الحلم والذكريات الجميلة
والحريق الذي يتفجر من تحت أقدامنا ،
والدم المتناثر في كل منعطفٍ في خطوط التلاقي 
أحمرٌ … يا الفنآءُ، الذي يتقمص وجه الحضارة 
أحمرٌ ... والحديث عن الكوكب الأخضر المتفحم والمتشرد
في حفلات الدخان 
أحمرٌ .. والجديدُ هنا جمرةُ الحقّ ، وجه البطولة،
مجد القرابين 
أحمرٌ .. والحديث هنا عن فلسطين ،
قلبي ، وقلبك ، قلب العروبة
أحمرٌ .. والمراد الثَّرَى ، والشهيد ،
 تراب العروبة ، أحجارها ،
كل أعلامها
علمٌ يتلفّع بالنار يا ليتني،
حجرٌ ليتني كنتُ فوق رصيفك يا قدس ،
يا ليتني كنت جمرة عشقٍ تزغرد في يد طفلٍ  ،
يقاوم في وطن الانتفاضة .

أخضر …
أخضرٌ كاخضرار فؤادي ،
ولكنها خضرة الحلم والأمل المتملك قلب النبؤة 
أخضرٌ ..ليس معنى ،
ولكنه جوهرٌ مثل وجه بلادي
هو جوهر ما أنت تحيا له وبه ،
والنعيم الذي يتحرك في خضرة
الذوق أو يرتخي في سرير البصر
أخضرٌ ..والمراد الطفولة والحب والابتسام
والعطاء الذي يتلبَّسُ دفء الأحاسيس ،
 نبض المشاعر ،
يكسو ضفاف النفوس ويملا بالخير نهر البشر                                                                     
أخضرٌ.. صار يعني متى ، ولماذا ، وكيف ؟
كيف أنتزعناك من قوس أيامنا،
 أيها الأخضر النضج ؟
كيف خنت الربيع وهاجرت من حيّنا،
وتركت الهواجس تجثو،
على صدرنا كالخريف !!
كيف هاجر عصفورك المنتشي من حدائق أحلامنا ،
من جزائر حبك،
 وانسل من قلب أعلامنا الذهبية ،
هل تحرك فوج القطَا ، والكناري ،
إلى رحلة الصيف ،
أم حركته الرياح الى نجمة الغرب ؟
أخضرٌ.. لا يزال السؤال ،
يدبُّ على الأرض كالهدهد المتخلف عن ركبه،
 لا يزال السؤال
بعيدٌ ، قريبٌ ، ومستوطنٌ في الخيال 
لا يزال السؤال يشكل وجه الرضى،
 وظلال الفؤاد ،
يرفرف في شرفات الضمير الذي يتناثر من حولنا شجراً ،
وغصوناً تميز أحلامنا ومعالمنا ،
وتصدَّ الرمال 

أصفر …
أصفرٌ يتدفق كالموج مرتحلاً ،
من بياض النقاوة ، .. حتى احمرار القلوب 
الإطار البديع على كل لونٍ،
وفي الأخضر/ الأحمر/ الأسود/ المتداخل،
 ينبض بالوحي والكبرياء 
يرصّع أجمل أوهامنا ، ويشدُّ أساريرنا،
ويطرز اجمل ما تشتهيه العيون 
يتأرجح بين الغواية والطيش ، والغيرة النسوية
والبداية منه ولكنه نابعٌ من خطوط النهاية ،
نبض الحياة التي تتدفق من وجنه الشرق ،
يطوي الفضاء ، يفيض بهاءً ،
إلى أن يذوب ويحمرّ ،
 مرتحلاً في خدود الأصيل
لو سألت الفراشة من تعشقين،
لقالت زهور الخزامَى ، وعبادة الشمس ، والتولبان
أصفرٌ.. يتألق كالذهب الحميري القديم ،
ويترك في باطن الوعي ذكرى حضارة  ،
يتراقص فوق ظهور القوافل، 
يرسم في صفحة الذهن قافلة تتابع  ،
فوق طريق اللّبان 
أصفرٌ ..لم يزل يتحدث عن زمن العَصب ،
 والورْس ، والزعفران
لم يزل يتخلل أحلامنا
ويحطّ الفواصل بين الفصول 
أصفرٌ .. والمراد الشهيّة والاشتهاء 
أصفرٌ.. والمراد الرجوع إلى كل قيل أو ما يقال
المراد الرجوع إلى رغد العيش حراً كريماً ، إلى موسم النضج ،
المراد الرجوع .. إلى ساحة الكرم والقمحُ والبن .
المراد الرجوع … إلى ظل معزوفةٍ ،
تتمايل من حسنها ،
سنبلات الحقول 

أزرق …
أزرقٌ .. والمساحة اكبر مما ترى
والوجوه ، الخطوط ، الهموم التي تتداخل ،
 أو تتشابك ، أو تتشابه
أكبر مما توقعت ، أو تتوقع
أزرقٌ ..هو شاهد عصرٍ وخلفيةٌ للحروب
وهو شاشة عولمةٍ تتدفق من غرفة النوم
من شاشة الأفعوان
يتحرك في كل ناحية ، يتهدل من شفة النور
سيّد اللون ، وجه المدى ، وسرير الحياة
إنه قوة الاختراق
ولكنه لُـجّة الشوق ، والاشتياق 
كل لونٍ يتوقُ إلى فسحةٍ فوق أعطافه،
يتمنى السكينة والارتخاء بأحضانه ،
يتمنى الوفاق 
أزرقٌ .. والمراد الوشاح الجميل،
 الذي يتمدد فوق شواطئنا كلها،
ويرصِّعُ أقدامنا لؤلؤاً ومحاراً
أزرقٌ .. والحديث ، حديث العيون ،
هل حَلُمتَ بشقراء ترفُلُ في الأزرق المتلألئ ؟
ماذا وجدتَ بِزُرقةِ أحداقها،
وهى ترنو إليك … ؟
ألاَ .. إنـه   الافتـقــارُ.......
 إلى الآخـــريـــن