السبت، 15 فبراير 2014

صوت الموسيقى




صوت الموسيقى 




- 1 أيها النايُ، عِمْتَ مساء ، وطبتَ مدى الدهر. 


لازال تغريدك المُشتهِى يتوالدُ في دمنا ، 


وهو يحملُ نبضَ الخِليقةِ ، 


منذُ انبعاثتها ، وأنينُكَ يسرِي، 


بأرواحنا ، ويرفرفُ في الكونِ ، منذُ الأزلْ. 


أنت ميلاد ُأصواتنا ، 


وغبارُ الحروفِ ، 


التي نَسَجتْ، لُغةَ الحبّ ، قبل اختراع النداء. 

لم تزل تتشرَّب ُأنفاسُك َالريح ، 

تغزلِها نغمًا ، يتطايرُ، 


خلف ثقوبِ المسافات ، خلف جدارِ السُّكون. 


للمحبّة والأُ لفَة ِالمستديمةِ ، 


تجمعُ أفئدةَ الناس ، 



تُشرِقُ كالطَّيف ، 


تحملُ رجع الصَّدى، 



وارتعاشَ الَمَدى ، 


تتفتّح في قسماتِ العواطفِ ، 



تُـزهرُ ، في جنَبَات المكان . 


المواويلُ ، آهاتنا المُشتهَاةُ ، أسرارُ، أسرارِنا ، الخبيئةِ ، بين الكلام المنمّقِ ، والصمت ، الحبيسةِ ، بين البُكا ، والعويل ، وبين الشَّقا ، والحنان . 


كلُّ جسم ٍ ، لهُ وترٌ، قالَ ، ما لا تقول العصافير، ما لاتقولُ الحروفُ بأجمعها ، 


والذي صَنَعَ العُـودَ،أوْصَى ، بأن لا نضيفَ لهُ ، وترا ً، أن نوقـِّعَ ، في نَغْمةِ الشرق ِ، أرباعَها ، ونغنّي على ذِ كر إسحقَ ، في مجدهِ ، أغنيات ِالكَمال. 


لم يزلْ ذلكَ الصوتُ ، يعبُرنا ، وهْوَ يرسِلُ آيٍ الحروف ، مَقَاما ً، وتفعيلة ً، تتورَّدُ ، في وجنةِ القلب ، تغزلها نشوة ًوابتهال . 



2- البيانو عميد المحافل ، تخْت المعاني ، دوِيٌّ ، يضـجُّ بذاكرة الفن ، صدىً يترددُ ، في خشباتِ المسارح . 


يعبرُ أوديةً وقروناً ،..إلى ذوقنا ، يتملَّكُ احساسنا ، وهو ينداحُ ، من كرنفال أثينا ، وأروقة الحفلاتِ القديمةِ ، من وَهَـج ، المُلْهَمِين ، العِظامْ . 


يتفتقُ، من حيث يكتمل ُ الوعي، يتدفق من غضب الرمل ، من سهر الكون. ومن صخب الريح، من هيجان العوصف، يشطرُ وجه المآسي ، ويكشف ، وجه العناءِ المريرْ. 


يغسل أفئدة الإنتشاء الجماعيّ ، يُغدقُ أوسمة الإستماع الرصين. 


رتلٌ من النغم المتوالد ، يغمر بالنغمات الوجود. 


تشرئبُّ لإيقاعهِ صحوات المنى، وتثور على شدوهِ ، رغبةُ الإرتحال . 


سُفُنُ الرُّوحِ مبحرةٌ ، لاتزالُ ، بأعماقنا ، من تفاعلهِ ، وهي ترنو الى السبَّقِ ، والاجتياز. 


أيُّ قيثارةٍ لاتحرِّكُ في صمْتِكَ المُرتخِي ، صوت أنثى ، أي قيثارةٍ ، لاتفتحُ ذاكرة العشق ، لا تشدُّك 


نحو غواني طُليطلةٍ ، وتجرُّك نحو زخارف قُرطبةٍ وحدائقها. فتنامُ ، وتصحو، على حُضن زرياب . 


أيُّ قيثارةً لا تُحَرِّك خِصراً ولا قامةً ، وهي تغدقنا بالتواشيح ، تُمطرنا بالخشوع ، وتغمُرنا بالتوسُّل ، أوبالتَّوَلـُّهِ ، في رقصات السَّمَاحْ . 




- 3 الحروف تُوقـِّعُ ، ما يرغبُ الناس ، واللحن يعزفُ ، ما تبتغيهِ الحياة . 

شجنٌ ، وحنينٌ ، تقاسيمُ رؤيا ، يجُودُ بها نغمٌ ، يتهدَّج ُ في السمع ، يضربُ ، في الحِسِّ أطنابهُ في المشاعر، يُجسِّدُ رابطةَ الكائن ِالحيِّ ، بالملكوت . 


الجراحُ ، التي تتكدَّسُ ، تهفو إلى نغم ٍ يتخلّلها ، ويجُسُّ ثقوبَ جوا رحها ، لتسدُّ به ، عَوَزَ الروح ، تُطفِي بهِ ، غضبَ النفس ، تغمِسُ أوجاعها ، في بَرُودِ التناغمِ ، والإنسجام . 




- 4 لُغـــتي ،... يا شفـافية َالبَوْح ، يارئة الكائنات الرقيقةِ ، ياهَمَزاتِ الغِناء. 


يانَسَقاً ً، لحوار الطبيعةِ ، والكائنا ت، ياسِجالَ الشفاهِ ، البريئةِ ، يا جوهرا ً، في اللسانْ . 


إجعلينا ، نُعانقُ أحلامنا ، وترا ًوترا ً، ونُطـرِّزُ أذواقنا ، بالجَمال . 





اجعلينا نسيرُ، إلى حيثُ يكتملُ الشِّعر، حيثُ ، نَلمسُ ، زُرقةَ أحلامنا، ونرِيقُ ، صِبانا ، على جسدِ اللحن ، واللونِ ، والحرف، في لغة ٍ..... لاتثيرُ غرائزنا ، لاتحدِّثُ ، عمَّا نريدُ ، وعما نراه ُ، ونسمعهُ ، إ نمّا عن جمالِ التطلُّعِ ، عن روعة ِالقُربِ ، من عتبات الكمالْ. 


حيث نلهو، نطيرُ، ونسبحُ ، نَمشي ، على صفحة ِالمـــآءِ ، نخرُجُ من بحر أوهامنا ، ونسيرُ ، إلى الله ، نشهد ُما صاغه ، في ضمائرنا، وجوارحنا ، من جَمَــــالْ . 



إجعلينا ، نُبَرِّد أعصابنا المستحمَّةِ ، بالخوف ، إجعلي ، ذوقـنا ، يتعشَّق معنى الحضارة ِ، في الرُّوح ، يعزفُ لحنَ التمدُّنِ مقطوعةً ، تتوالدُ في دمنا ، وتبشِّرُ عالَمَنا ، بالسلام . 



أُتركينا ، نُضيفُ لها ، وترًا ، أوصدىً ، يتدفقُ، يعلو ، ويعلو... إلى أن نعَي ، أنَّ ما يربط ُالناسَ ، والكون ، غيرَ النظـام . 



5- كيف تكتبُ ، ماهوَ، أسمَى ، من الشِّعر؟ كيف تجعلُ من حركات ِاللسانِ هديرًا ، يحـرِّكُ ، نبضَ الوُجود ، يغيِّـرُ ، وجهَ الزمان ، 



كيف تجـدّدُ لونَ بُكائكَ ، َطعْم َشقائكَ ، كيف تذوق ُالهوى؟ وتَجُسُّ اشتعال العروق؟. كيف تجسِّدُ معنى الحنان؟ 



من يُمَوْسِقُ أفكارنا ..، من ينسِّق أفعالنا ، مثل أنفاسنا ، من ينمِّق ألفاظنا بالرَّشاقةِ ، يبني قرارًا ، بأقوالِنا ، وجواباً ، كما يفعل الموج . من تُـرى يتحـدَّى ، ويرفعُ سارية َالعِــــلْمِ..، حتى سماءِ التواضع . من يديرُ كؤوسَ المعاني ، ويملؤها نشوة ،ً من يصوغ العبارةَ ، من وردةِ ِالنفس ، يبني على كل حرفٍ يغادرُ من فمهِ ، نَسَقاً ، ويعيدُ لنا بعضَ أخيلةِ الشِّـعر ، حتى يثور الغنـاءْ ، وتطيرُ القصائدُ ، من فَمِنا ، كالحَمَام . 



ليتَ منثورَ أشعارِنا ، تستحِي ، وتعودُ ، إلى أوَّلِ السطر. تبدأ ُ ، بالماءِ ، والملح ِ، أوزانها ، وتعودُ إلى ذاتها ، وهويَّتها ، تتوطَّنُ ذاكرةَ الشِّعر، تمرحُ ، تلهو، بديوانها العربي الفسيحْ . تُلقِي بأ سماعنا ، نغمة ًواحـدةْ . فــــكرةً ، واحدة.! 



بيننا وسفيفُ الكلامِ ، جَفاءْ. بيننا ورخيصُ المعاني ، خِصام ، يقودُ إلى النقدِ ، والشّجب ، والاعتصامْ . 


إنما نألفُ القولَ ، منفعلاً فاعلاً ، غاضباً ، هـادراً ، عاشقاً ، هائماً ، يتزعزع ُ، حتى يهزّ عواطفنا الخشبيَّة. 


يتفاعلُ ، حتى نُضيفَ لهُ ، وتراً ، في ضمائرنا ، ونعلِّق في صدرهِ ، باقةً ، أو وِسامْ . 


6- سلبَ الأقدمون عواطفنا ، حين غاصوا وغاصوا ، ولم يرجعوا ، من ضبابية النص، من شطحات الكلامْ . 


لم تكنْ ، من رجالاتنا ، أمَّـــةٌ ، يرحلون مع الصوتِ ، أ ويرحلون مع الضَّـوء . 


يُرْجِعُونَ لنا ، نَبَـأً واحـدًا ، ويجيئون من سباءٍ بيقين . 



كم دَرَجْنا على ذ كر ليلى ، ولكننا ما وجدنا طريقاً إليها ، كم شكونا من الهجر ، والبُعـدِ ، حتى جعلنا الغرامَ ، هو العشق ، والعشق، ماهوَ ، الاَّ العذاب الأليـم . 



نصف قرنٍ ، ولانبض في دمنا ، غيرصوت امِّ كلثــوم ، لاشيىء يطربنا غير فيروز ، أوصوت عبد الحليم . 



لاشيئ يوقظنا ، غير صوت ذبيحِ ، يئنُّ ببغــــداد ، أورنَّـةٍ ، من تراثٍ قديمْ . 



7- لم نَعُـدْ نتقن القول ، والإقتباس ، لم يعد يرقص القول ، إلاَّ على شفةٍ واحـدة. 


لم يعد ينبض اللون .. إلا على مقلةٍ شاردة. 


فاتركونا نسمي احتباس العبارةِ عجزاً ، دعونا نسمي الكلام الكثير..خُواءً ، فراغـاً ، يهرول في النُّسخَةِ البـائدة . 


إفسحو للمسافة ، أن تختفي..في الزمان . دعونا نسمي فوات الأوان...احتفالاً ، ببسمتنا العائــدةْ . 



إقبلوا رأينا ، لو على شكل تجربةٍ ، وابدأوا بالغنــــــاء. ليظل البريق بأعماقنا ، يتوالَى , ويصحو التوهُّج في دفقاتِ الوريدْ . 



فعسى ذاك يدفعنا للتوازن . إنزعوا لحظة البدء من عنفوان النشيد. 



أتركوا ما تعـذ َّر. دعُــونا نُعفِّـرُ وجه الزمان المعفـَّر ، حتى يصير نظيفاً ، ويكسو الفؤاد المزعزع..بالإنبهار . 


إطبعوا ما تطبَّع ، بالشمع ، واستحضروا لحظة النصر ، من لحظة الإنكسارْ . 



-8 الغناءُ..جراحٌ تغني ، صدىً ، في جوارحنا ، يتبَسَّمْ . 


دمعٌ يسبِّح للمستها مين ، تنهيدةٌ تتمطىَّ خلال حناجرنا، تتنفسُ من حولنا، بالبنفسج والأرجوانْ . تملاءُ أعما قنا نشوةً بالعذاب. 



والغناءُ، انتصارٌ على الظُّلمِ ، تعويذةٌ للأسى ، والتفافٌ ، على شهوة الإ نتقام . 


ترنيمة ٌللرجاءِ وشكوى ، بطــــاقةُ حبٍّ ، تطرِّز أحلامنا بالشبـابْ . 


أينعت بالإجابة أوتار أعماقنا ، وهي ترسل أمواج فتنتها دهشةً في القلوب ، يُوقعهُ نغـمٌ ، يتنفس مِلءَ الشـــروقْ . 


تستريح على شفة اللحن ذاكرةٌ ، عفَّرتها السُّنـــون . وتصحو على نغمة العود ذاكرةٌ ، من زمان الصِّبا. 


كلّمَا هبطَ القلبُ ، ثارت غرائزنا ، لارتشاف الأغاني ، وتكرارها ، واقتفـــاء الشَّجَى ، من أنين القيـــــاثر، أو سقسقاتِ الكَمــــانْ . 



فالكلامُ المُغنـَّى ، له نفسٌ مفعـمٌ بالحنانْ . 



-9 كيف تهربُ من هَـوَسِ الإفتقـار، إلى كلِّ شيئٍ ....، إلى الفوز بالشيئِ ، نفسِهْ . 



كيف تُعلِنُ وقتَ انسلاخك ، من شغف الكسبِ ، والإقتنـــاءِ ، إلى سُندس الإرتخــــــاءِ الأنيقْ . 



كيف تجمعُ ضوءك في نجمةِ ٍ، و تبعثره ُ كيفما شئتَ ، أو كيفما يشتهيهِ البريق . 


كيف تشرحُ نفسكَ؟ حين يثور الحنين بها ، وهي تمنحُ سرّ امتلاك السكينةِ ، عند الترنُّـم في عتمةِ الليـــلْ . 



حين تثُور بها لهفةٌ ، للتأرجح بين السموات ، والأرض ، حين يُعربد شوقٌ بهــا ، مثل شوق الرياح إلى ربوةٍ ، لم تطأها . 



حين يولدُ فيك الحنين ُإلى الإرتماءِ ، بوادٍ من اللحن ، حصباؤهُ..من عقيــقْ . 


أينعت بالإجابة أوتار أعماقنا، وهي ترسلُ أمواج فتنتها، دهشةً في القلوب. يوقـِّعهُ نغمٌ، يتنفسُ ملءَ الشروق. 


10- يا مواكب أجيالنا اتَّصلي ، يا كتائب أفراحنا ، ياصفوفَ النشيد ، ويا جوْقـةِ ، البَا لَةِ ، اليمنيةِ. 


إرسِلوا نغمَةَ الـدَّان ، من حضرموت المجيدة . 


غنُّوا لنا بالبسيطِ (الثنائي)، مقاماً ، وشَرْحًا ، وأنشودةً ، واعزفوا بعض ما قالهُ شرف الدين ، في كـوكبـــانْ . 


جدِّدوا عهدكم ، للخفنجي ، ونشوان ، وابنِ هُتيْمِــلْ . إفسِحوا ،لابن محضار ، والسالمي ، والقومنـــــدانْ . 


إمنحوا الانسي وابنهِ لقَبـــاً , أو فسَمُّوا بإسمهما ، شا رعاً , أومكــانْ . 


غنُّوا لوحدتنا ، ولأفراحنا ، مجِّــــدوا نصرنا ، شنِّفوا بالمزامير ، أسماعَنا ، ثم دُقٌّــــوا طبولَ الغساسنةِ ، الأقوياءْ . 


إجعلوا جَسَدَ الأرض ِيهتــزّ ، والرَّملُ ، يرتجٌّ ، في قارعات الطريقْ . 



إصعـدوا ، من جنوب الجزيرةِ ، واسْـرُوا ، مع الليـل ، غنّوا بألحانكم في طريق القوافلْ ، حتى جنوب العراق. 


عُـودوا من الشَّامِ ، حتى مُروج الصَّعِيدْ . مرٌّوا بأندلسٍ ، والرُّصافةِ ، والجسر ، غنّوا عيون المَهَا ، وقُـدودَ الغواني الملاحِ , انصُبُوا قٌـبَبَ الفاتحين . 


أحيُوا بأجسادنا لُغَـةَ الرَّقص ، والعنفوانِ ، استعيدوا مشاعرنا ، اجعلونا نعوِّض مافاتنا من حنين . 



أتركُوا خَيْلنـا تنْتشي ، وتُقـوِّسُ أذيالها ، تتغنّــــجُ ، تـزهــــو.. تهـــزٌّ القلائدَ في نحرِهـا ، وتدغدغُ أسماعنــا بالرَّنيــن . 


كم صبرنا على صبرنا، كم صمتنا ، وكم فات في عمرنا من سنينْ . 


-11 يفسدُ الفنُّ إن صار للبيع ، أوللشراءْ ، مثلما يفسد الوَرْدُ إنْ صافحتهُ الأيـــادي ، كمِا يفسدُ الجسد الأنثــويُّ ، إذا أنتَ عرَّضتهُ للهواءْ . 



-إنما يُطفىءُ الصوتَ ، من لايطيقون حبس الهواء ، بأعما قهـــم ، ويخافون ريش الحمام ، و نبض الأنامل ، كي لا تبعثرَ أسرارهم في العراء. 


عاشقُ الصمت ، يدفنُ أحلامه ، ويعود إلى السجع ، يوغِلُ في حشرجات المعاني ، ويجعل من صوته حجرًا، يتهدّد من حولهُ بالفناء. 


يتهرَّبُ من فتنةٍ، تتَرَاءَى لهُ ، وهي تصعدُ من نَفحاتِ المقامات. 


والمقامات أسفارُ حبٍّ ، تُطرِّزُ إبرِيزَ أحلامنا ، بالبَهَــآءْ. 





12- ثورة اللحن قامت هنا ، عند وادي الحضارة. في غابر الدهر. 


قامت بلا نُوتةٍ ، نحن فـُزنا ، بجائزةِ السَّبق ، حُـزْنا ، براءة نظم ِالقوافي ، وإنشادها ، قبل عصر الجلِيدْ . لم يكن للجليدِ ، صدىً ، يتردَّدُ ، ويوأوِّبُ ، ماعَزَفَتْهُ المزامير . لكنهُ ، عندما سَمِعَ الصوت، باشرَ، بالذوبان . 

المزاميرُ كانت طريقا ، إلى قلبهِ، والمزاميرُ، كانت ، طريقا إلى الله . نافذةً لليقين . 




13- وقفتْ عرباتُ المقامات ، في مغرب الشمس ، في شُرفات الحضارة. ضاعت هوادجها في غبار المعادن. 

زالَ في النهاوند الأنينْ . سال دفقُ البياتي ، على الأرض ، غارت ينابيعهُا في رمال الصحاري، وبالقرب من غابةٍ للطبول. 


والطبول قرابينُ أفراحنا ، وانتصاراتنا ، ولهاثُ مشاعرنا. دويّ معاركنا ، وتراتيل أجدادنا. وهي نبض الولاءِ المخـلّـدِ ، والانتماء العريقْ . 


14-  يفتحُ البوقُ عهداً جديداً ، تقوم على أرضه دولة ُالبُوق .
 يعلن ميلاد عصر الضجيجْ . 
كان لابُدَّ من بعض هذا الضجيج ، الذي يبعث النغم المتحفز في سمعنا ، المكتسي بالطنِين. 


يعطفُ البوقُ قامتهُ ، يستدير على نفسه، كالحلازين . يندسّ في جوقة المطربين . 


فَمهُ كل يومٍ يزيد اتساعاَ ، وينفخ في وجهنا كلّما قد سئمناهُ ، طول السنين . 


يدخلُ الفَنُّ عصر الخطيئة. والبوقُ يعلن دولتهُ ، يتلاقح ُبالآلة الوتريةِ. 


ينشد ُ، رُفقتها ، ويغازلها. من ورآء الصفوف. مُستعيناً بصنّاجةٍ من نحاسْ . 


طبُولٌ تحاورهُ ، وتـدُقّ على صدرهِ ، بيد العُـنفِ ، حتى أطاح بهِ الأُورج ، أو ربَّما اغتاله السكسفونْ . 



صنعاء،1-6-2007 د/عبد الكريم الشويطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق